ترجمة واختيار: جابر طاحون /القاهرة
الحياة التي تعيشها لتصويرها، هي بالفعل، ذكرى، في بدايتها
(إيتالو كالفينو)
“الحاجة لامتلاك الحقيقة مؤكدة والتجربة معززة بالصور، استهلاك جمالي كل واحد مدمن عليه الآن”. سوزان سونتاج كتبت ذلك في مقالها الأسطوري عن التصوير 1977، والذي لا زال باقيًا كتصور نافذ بصورة مذهلة للحياة البصرية الآن.
لكن، قبل سبع سنوات من ذلك التاريخ، إيتالو كالفينو، كاتب آخر نافذ البصيرة غير عادي وصاحب رؤية ثقافية رصينة، ورجل صاحب حكمة عظيمة في، الكتابة، علم نفس الإلهاء، المماطلة، معضلة أمريكا ومعنى الحياة. تناول هذه المفاهيم نفسها في مجموعته القصصية الرائعة “الصعب يحب“.
من خلال كلمات إحدى شخصياته _ مصور اسمه أنطونيو- ، كالفينو يمرر الطبيعة القهرية للاستهلاك الجمالي، ويلتقط ميلنا لمغادرة اللحظة في فعل تخليدها:
الخط ما بين، الواقع المصور لأنه يبدو جميلًا بالنسبة إلينا، والواقع الذي يبدو جميلًا لأنه مصور، رفيع جدَاً. الدقيقة التي تبدأ فيها القول:” آه، كم جميل، علينا أن نصوره”، أنت بالفعل قريب من هيئة الشخص الذي يظن أن كل شيء لا يتم تصويره، يضيع، لأنه لم يتواجد، ولهذا، لكي يحيا فعلًا، عليك أن تصور ما وسعك، ولكي تصور ما وسعك، إما أن تعيش بأكثر طريقة فوتوجرافية ممكنة، أو أن تعتبر أن القابل للتصوير هو كل لحظة من حياتك.
المسار الأول يقود إلى الغباء، المسار الثاني يقود إلى الجنون.
لعقود، قبل بدءنا طلاء الأظافر، والإدارة الفنية للحياة، لتسجيلها فوريًا، الفوضى المجيدة أفضل من العيش البسيط، وحتى قبل هذا آني ديلارد (كاتبة أمريكية) وتأملها الذي لا يُنسي عن المشي بكاميرا أو دونها، كالفينو يكتب:
طعم العفوية، الطبيعة، الحياة كلقطات فوتوجرافية يقتل العفوية، يقصي الحاضر.
الواقع المصور لحظيًا يتخذ شكل النوستالجيا للهروب المرح فوق أجنحة الوقت، الجودة التذكارية، حتى لو الصورة مأخوذة اليوم ما قبل الأمس. الحياة التي تعيشها لتصويرها، هي بالفعل، ذكرى، في بدايتها.
كل القصص الثلاثين قطعَا جميلة، تستكشف جوانب عديدة للعلاقات وتشوهات المجتمع.
**
وقت بدأت أحبُّ نفسي
(تشارلي تشابلِن)
وقت بدأت أحب نفسي وجدت أن الألم والمعاناة النفسية، ليست سوى مؤشرات تحذرني أني كنت أعيش ضد حقيقتي الخاصة. اليوم، أعرف، أن هذا حقيقة.
وقت بدأت أحب نفسي، أدركت مدى الأذى الذي قد ألحقه بشخص لو فرضت رغباتي عليه، حتى لو عرفت أن الوقت غير مناسب والشخص غير مستعد لذلك، حتى لو كان هذا الشخص هو أنا. اليوم أسمي هذا “احترام”.
وقت بدأت أحب نفسي، توقفت عن توقي لحياة مختلفة، وبات بمقدوري رؤية كل شيء حولي يناديني لأكبر. اليوم، أسمي هذا “نضج”.
وقت بدأت أحب نفسي أدركت أنه في أية ظروف، فأنا، في المكان الصحيح، في الوقت المناسب، وكل شيء يحدث في الوقت الصحيح. لذا بمقدوري أن أكون هادئًا. اليوم أسمي ذلك” الثقة بالنفس”.
وقت بدأت أحب نفسي، توقفت عن اختلاس وقتي والتخطيط لمشروعات مستقبلية ضخمة. اليوم، أقوم فقط بما يجلب لي السعادة والمرح، الأشياء التي أحب القيام بها، التي تجعل قلبي فرحًا. وأقوم بها بطريقتي الخاصة، بإيقاعي الخاص. اليوم أسمي ذلك “البساطة”.
وقت بدأت أحبُّ نفسي، حررت نفسي من أي شيء ليس بجيد لصحتي؛ الطعام، الناس، الأشياء، المواقف وكل شيء يجرّني لأسفل وبعيدًا عن نفسي. في البداية اعتبرت هذا الموقف أنانية. لكن اليوم أسميه” حب الواحد لنفسه”.
وقت بدأت أحب نفسي، توقفت عن كوني على حقّ دائمًا، ومنذ ذلك الحين كنت أقل خطأً. اليوم اكتشفت أن هذا هو “التواضع”.
وقت بدأت أحب نفسي، توقفت عن العيش في الماضي، والقلق بخصوص المستقبل، حيث كل شيء يحدث. اليوم، أنا أعيش كل يوم، يوم بيوم، وأسمي ذلك” وفاء”.
وقت بدأت أحب نفسي، عرفت أن عقلي يمكن أن يزعجني ويمرضني. لكني كنت ملتصقًا إلى قلبي، عقلي أصبح حليف قيّم. اليوم أسمي هذا الترابط” حكمة القلب”.
لم نعد بحاجة إلى الخوف من النقاشات والمواجهات أو أي نوع من المشاكل مع نفسنا أو غيرنا. حتى تصادم النجوم يتولد منها عوالم جديدة. اليوم أقول عن ذلك:” هذه هي الحياة”.
التعليقات مغلقة.