فاعل الخير: أوسكار وايلد- ترجمة: ناصر الحلواني

الوقت ليل، وكان هو وحيداً.
من بعيد رأى أسوار المدينة الدائرية، فذهب نحو المدينة.
عندما أقترب، سمع، من داخل المدينة، وقع خطواتِ مرحٍ، وضحكات تصدر عن فم البهجة، وصخب المعازف. طَرَق البوابة، ففتح له أحد حراسها.
لمح أمامه بيتاً من رخام، له أعمدة رخامية منتظمة. الأعمدة محاطة بالأكاليل، وفي الداخل والخارج، كانت مشاعل من قش الأرز. دخل البيت.
عندما عبر قاعة العقيق الأبيض، وقاعة اليشب، وبلغ قاعة الاحتفال الطويلة، رأى، راقداً على أريكة من أرجوان البحر، ذلك الذي تتوج رأسه زهورٌ حمراء، وصبغ النبيذ شفاهه بحمرته.
أتى من خلفه، ربت على كتفه، وقال: “لماذا تعيش في هذه الحال؟”
استدار الشاب، فعرفه، فأجاب: “كنت مصاباً بالجذام، وأنت شفيتني، فكيف لا أعيش على هذه الحال؟”
غادر المنزل عائداً، مرة أخرى، إلى الطريق.
بعد برهة، رأى امرأة يصطبغ وجهها وراحتيها بالألوان، ويتزين خُفها باللؤلؤ، ويتبعها، ببطء مثل صياد، شاب يرتدي عباءة ذات لونين. يبدو وجهها الآن كوجه معبود جميل، التمعت عينا الشاب ببريق الرغبة.
تبعه بخفة، لمس يد الشاب، وقال: “لماذا تتبع هذه المرأة بتلك الطريقة؟”
استدار الشاب نحوه، فعرفه، وقال: “كنت أعمى، وأنت وهبتني البصر. فلأي شيء آخر أنظر؟”
ركض متقدماً، لمس ثوب المرأة المصبوغ بالألوان، وقال لها: “أليس هناك طريق آخر تسلكينه، لتمنعي عن الطريق الخطيئةَ؟”
استدارت المرأة، فعرفته، فضحكت وقالت: “لكنك غفرت لي خطاياي، وهذا طريق ممتع”.
غادر المدينة.
وعندما غادر المدينة، رأى، جالساً على جانب الطريق، شاباً ينتحب.
اتجه نحوه، لمس جدائل شعره الطويلة، وقال: “لماذا تنتحب؟”
نظر الشاب نحوه، فعرفه، وأجاب: “كنت ميتاً، وأنت بعثتني من الموت، فأي شيء آخر أفعل غير النحيب؟”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.literaturepage.com/read/wilde-essays-lectures-122.html رابط الأصل الإنجليزي

التعليقات مغلقة.