جورجيو دي شيريكو _ حلم _ ترجمة: محسن البلاسي

أواجه معركة عديمة الفائدة مع رجل بعينين لطيفتين وفاسدتين، في كل مرة أحبسه يحرر نفسه من خلال يديه القويتين بشكل لا يصدق.
يديه مثل العتلات التي لا تقاوم، مثل الآلات القوية، تلك الرافعات العملاقة التي ترفع عاليا أماكن العمل المزدحمة والقلاع العائمة مع أبراجها الثقيلة مثل أثداء الثديات العتيقة.


أنا أواجه معركة عديمة الفائدة مع رجل بعينين لطيفتين وفاسدتين.
من كل احتضان بغض النظر عن سعاره فإنه يحرر نفسه بلطف مبتسما ويمد يديه قليلاً إلى الخارج.
هذا أبي يظهر لي في هذا الحلم، على الرغم من أنني حين أنظر إليه لا أجده كما اعتدت أن أراه في طفولتي، ومع ذلك فهو؛
هناك شئ بعيد في كل تعبير من تعابير وجهه، شيء اعتدت رؤيته فيه، ربما، والذي يظهر الآن بعد أكثر من عشرين سنة
يظهر لي حين أراه في الأحلام في مجمل قوته.


ينتهي الكفاح باستسلامي، أهجره
بعد ذلك الصور تتشتت (ال بو أو ال بي ني) تلك التي شعرت بها تركض بجانبي بينما كنت أكافح الآن أصبحت أكثر قتامة، الصور مرتبكة كما لو أن غيوم العاصفة قد هبطت على الأرض. كان هناك استراحة، تلك التي مازالت أحلم بها، ربما، لكنني لم أعد أتذكر شيئاً ماعدا المهام البائسة على طول الشوارع المظلمة. حين تلاشى الحلم مرة أخرى.
أنا في مربع من الجمال الميتافيزيقي العظيم، ربما هو (بيازا كافور في فلورنسا)
او ربما أيضاً واحد من تلك المربعات الجميلة جداً في تورينو وربما لا أحد أو لا أحد آخر
على جانب واحد تشاهد الأروقة وفوقها الشقق مغلقة برصانتها.
في الأفق تلال وفيلات؛ فوق الميدان السماء مشرقة جداً وغارقة في العاصفة، لكنك تشعر بأن الشمس تغرب لأن ظلال المنازل والمارة القليلون في الميدان طوال القامة جداً.


أنظر نحو التلال حيث يمكنك أن تلمح الغيوم الأخيرة للعاصفة الهاربة؛ هنا وهناك الفيلات بيضاء بالكامل مع شيء جليل وكئيب يخصهم، يرى هنا في مواجهة ستار السماء الأسود.
فجأة أجد نفسي تحت الرواق أختلط بمجموعة من الناس يمارسون التدريبات حول باب متجر المعجنات، حيث يملأ الكعك متعدد الألوان كل طابق من المتجر؛ يتكدس الحشد ويواصل النظر تماما كما يفعلون عند أبواب الصيدليات.


عندما يتم إحضار شخص مصاب بجروح أو شخص سقط من المرض في الشارع ؛ لكن بينما أنظر، أرى من الخلف والدي يقف في منتصف متجر المعجنات يأكل الكعك، لا أعرف إذا كان الحشد يتدافع إلى الأمام بسببه ، يسيطر عليَّ ألم ساكن وأشعر بالهروب نحو الغرب داخل بلد مضياف أكثر وفي الوقت نفسه أبحث عن سكين أو خنجر تحت ملابسي لأنه يبدو لي أن هناك نوعاً من الأخطار يهدد والدي في متجر المعجنات، وأشعر بأنني إذا دخلت فالسكين أو الخنجر أمران لا غنى عنهما مثلما تدخل كهفا للصوص، لكن ألمي يتزايد وفجأة يتدافع الحشد حولي ويضغطونني بإحكام ويوجهونني نحو التلال، لدي انطباع بأن والدي لم يعد في متجر المعجنات وأنه هرب وأنهم سوف يلاحقونه كاللص واستيقظت في ذعر هذه الفكرة.

جورجيو دي شيريكو (10 يوليو 1888 – 20 نوفمبر 1978) رسام سريالي إيطالي ولد في فولوس في اليونان من أم جنوية وأب صقلي.

اللوحات لـ: جورجيو دي شيريكو

التعليقات مغلقة.