مختارات من ديوان كارمينا بورانا في إذاعة مترو القاهرة – إسلام نوار

الكولاج لـ محسن البلاسي
الكولاج لـ محسن البلاسي

يومًا ما
سيكون لي
في هذه المدينة
بيت به
كرسي مريح
وسأجلس عليه
لثلاث ليالٍ
متواصلة
وطعام فخم
أمامي سأضرب عنه
ثم سأبدأ
في الغناء
كجائع مشرد
ينتظر أمام مشرحة صديقه المقتول، سأكتب حينها قصيدة دافئة عن الغرفة الدافئة

الكرسي
الذي شُلحَ من عليه
الكهنة الفاسقون
يدير عجلته فريدي مريكوري
“بسم الله”*
ههههه
اترك من يرقص
تحت عجلات المترو
على أنغام كارامينا بورانا
“بيتي لا يصل إليه
داء الانفلونزا الأسبانية
لن يموت فيه أبولنير
ولن يموت فيه فريدي”
صرخ هتلر بهذا يوما كمغن أوبرالي على موسيقي فاجنر

موت أبولنير الشاعر في وباء الانفلونزا الأسبانية بعد عودته مصابًا من الحرب العالمية الكبرى لا يختلف كثيرًا عن مشي ليلة عادية في القاهرة الكبرى،
قال أبولنير قبل موته: كانت الحرب جميلة،
وهذا يفسر كل شيء.

السوريون الموقعون على “بيان الحليب” يوزعون الحليب على النساء الواقفات في طوابير أمام حافلة للجيش بجوار محطة مترو حلوان؛
الإيدز الذي قتل مريوكري، ومخدر البروبوفول الذي يشبه الحليب الذي سمم مايكل جاكسون لا يختلفان كثيرًا عن التوتر البسيط للأمهات أثناء أزمات نقص الحليب الذي ينتجه الجيش،
قال مايكل جاكسون عند موته: أرجوكم مزيدًا من الحليب.

ستقتل الكوليرا في العراق واليمن، والكيماوي في سوريا أطفالًا معافين من الأمراض، وسيتساوى عددهم مع أطفال الربو الذين تقتلوهم قنبلةُ غاز مسيل للدموع على كوبري قصر النيل؛
وسيصحو مليون قتيل في صحراء باردة ليضعوا حبوب مضادات الذهان في أفواه قتلى ثورة يحصر صورهم غلاف أمامي لجريدة، سيصحو مليون قتيل في رقصة أوبرالية في ميدان فارغ.

العازفة التي انتهت للتو من عزفها للكنتاتا، تخرج من الأوبرا، وتعبر للضفة الأخرى من النيل حيث مبنى أمن الدولة، وتفتح ساقيها على مكتب الرتبة الأعلى، شباك المكتب المفتوح يظهر منه نفس النجم الذي يرصده المسجون الذي يقول الشعر.

سيتحدث عن الحرب أصحاب الياقات البيضاء، سيتحدث عن الجوع المقيمون في الفنادق الفايف ستارز، سيكتبون كلامًا حقيقيًا جدًا ومؤثرًا، سيكتبون الكلام الأكثر حقيقة وتأثيرًا،
لأن الموتى كتاب سيئون.

يا ماما، كيف يمكن أن ينتحر طفل؟ كيف أفهمها هذه يا ماما؟ الطفل اللاجئ هل فهم الحرب التي هرب منها؟ هل فهم سخرية أطفال مدرسة البلدة الجديدة منه؟ كيف خرج الطفل من مدرسته ليحكم نصب المشنقة أمام مقبرة؟ كيف نظر هذا الطفل للحبل الملفوف حول عنقه؟ كيف نظر ليديه التي لفت الحبل؟ وكيف نظر للعالم؟
سيخرج هذا الطفل مع أمثاله في مظاهرة، وسيلبسون ديلدو من الدموع الصلبة لينيكوك يا ماما، وينيكوا الله، وسيمتد الديلدو من مشرقها إلى مغربها، وينيكوا كل العروش،
وستقوم القيامة التي تهددونني بها عليكم أنتم يا ماما.

قال الشاعر اللبناني سعيد عقل أثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان: يجب قطع رأس من يقول إن الجيش الإسرائيلي هو جيش غزو،
قال سعيد عقل: إن الجيش الإسرائيلي هو جيش الخلاص ضد الإرهاب الفلسطيني بأراضينا،
قال سعيد عقل، ولم يخف أن تطير رأسه في بلد تطير فيه الرؤوس أكثر من الطير؛
لم يلتزم صاحب نوبل إلا بالسلام الإسرائيلي، وظل يخاف على مشيته كل صباح إلى صحيفة الأهرام،
لم يطر الأستاذ وتلاميذه يوما، ولم يطر ناصر وصاحب نوبل الآخر وتلاميذهما يوما،
تبولْ واستمن على وجه الأشباه: ناصر والسادات ومحفوظ وتلاميذهم،
تبول واستمن على وجه كل من صُنعَ منهم قبح وتخلف هذه المدينة.

بيع الألبوم الأخير لفريق الروك المفضل لي تحت اسم “الحرب في فيتنام”
كل أغاني الألبوم ستتحدث عن الفشل الدراسي، وسب الجامعات، ولن تذكر الحرب ولو عرضًا.

ستدخل عليك الدبابات وعلى مقدماتها أكاليل الزهور، تعرف حينها أن الحرب هي الاسم الحقيقي للثورة، وأنه لا يفرق تحرك عجلات الدبابات التي تنام بينها لتسحقك من عدمه،
ولا يفرق كثيرًا تساؤلك:
هل دخل الجيش إلى هذه المدينة كميليشيا
أم دخل الجيش إليها كمرتزقة؟

التعليقات مغلقة.