
حين كان يتناول قهوته الصباحية المحلاة بالمرارة
سقط منتحرا من شاهق حزنه
حفنات الماء أذابت تجاعيد وجهه الطيني
حين أطلق أصابعه باحثا في البالوعة
عن ابتسامته….
عادت كفه ناقصة… إصبعا
وحين دفعها داخل فمه لينتزع قطعة من لحمه من بين أسنانه
عادت ناقصة إصبعاً أخر،
انزلاقه الممل في نفق العدم
هدهدته إيقاعات قطيرات الماء الساقطة من المحبس الخرب
حشرات المجاري ترنمت هاتفة:
“المجد للمنزلق إلى العدم”…
رفرفات الموت فوق رأسه، أضافت لرحلته بعض الإثارة
،نباح الراديو القديم أضاف إلى رأسه جيرة جديدة…
،وضع علامة أخرى على حائط ذاكرته
، وتسربل بحكمة مهترئة ووقار متوارث قديم
، لف رأسه بصحيفة اليوم، وضعها في كيس بلاستيكي
وطرحها بعيدا…
إلى حيث الجرذان تغط في سراديبها الرطبة كالكوابيس-حالمة بألعابها الليلية….
حين أستعمل خرطوما بلاستيكيا ومصباح يد لتنظيف جوفه
دفعت مقشته الرشيقة ركام كلمات متربة
وقصاصات ورق تحمل…أسماء متعفنة.
برطمان المخلل الفارغ والمقلوب أصبح رأسه النموذجي
في هلام البلاهة بداخله سبحت…
زيتونتان وخيارة وشريحتان من الطماطم
،حين طرق الضيف القديم بابه…قدم له مرتبكا
نقيع الأحزان الطازجة…
،أخرج كتفه الأيمن من الثلاجة…
،تحت أنف الضيف الساخن، تركه حتى يذيب عنه التجلد
،ارتدى جلده القديم…. أشعل عود ثقاب داخل صدره
ووسط الغبشة-متساندا على الأضلاع-
بدأ رحلته الأخيرة.
التعليقات مغلقة.