ترجمة: سوار ملّا
“نجوم”
لم آخذ وقتاً كافياً في تأمُّلِ النجوم.
لستُ أعني، بالطبع، النظر إلى السماء عبر التليسكوب، إنما من خلال نافذة صغيرة في سقف الغرفة في ليلةٍ مألوفةٍ بلا سحب، أو أثناء العودةِ إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، حين كنتُ أسيرُ بسرعةٍ وأنظرُ بعجالةٍ إلى النجوم، وسرعان ما كنتُ أديرُ المفتاح في قفل الباب داخلاً البيت.
لستُ نادمًا على ما لم أعرفه،
إنما فقط على استعمالي الكسول لعيني حينذاك.
“صور”
في كلّ تلك الصور التي لا تقول شيئاً، التي تبدو فاقدةً للمعنى، يمكننا العثور على حب عشناه، أو تذكّر لحظاتٍ غير مرئيّة فيها.
أيها المساكين، حينما سنموتُ،
ماذا عساكم فاعلين بين أولئكَ الذين لا يَرَوْن سوى ما تُظهرونه؟
ترى من ذا الذي يستطيع العيش
مكتفياً بما يُرى فحسب؟
“لحظة”
واثقةً تتنقّل الذبابةُ في أنحاء الغرفةِ، وها هي تحطّ الآن على ورقة لا تعرفُ بأنَّها رسالةٌ من صديقٍ يتذمَّر فيها بعجالةٍ من وجود الذباب أواسط الصيف؛ وفي ذات اللحظة التي تعاود فيها الذبابةُ التحليق يتناهى إلى سمعي من الغرفة الجانبية حديث كلاوس و كارلا عن “الكون”.
“تنقيب”
البارحة نقّبوا هنا عن مسرحٍ قديم
يعود إلى قرابة ألفي عامٍ؛
لكن ليس هذا ما يثيرُ الدهشة، إنما عثورهم
على المدرج الحجري في الأسفل،
على هيكل عظميّ شبه كامل!
يبدو أنه متفرجٌ لم يصدِّق
أن كلّ شيءٍ قد انتهى..
“نحن الاثنين”
أنا وأنتِ معاً في غرفةٍ واحدة،
نكون شخصين.
أنتِ وحدك في غرفةٍ
وأنا وحدي في غرفة أخرى
نكون شخصين آخرين.
أنتِ وحدكِ في غرفة
وأنا لست في أيّ غرفةٍ، أو عكس ذلك،
بصيغةٍ أخرى، قبلئذٍ أو بعدئذ،
نحن الاثنين لسنا أحداً
ولا يمكن عدّنا..
“طبيعة صامتة”
يسطع القمرُ على زجاجة البيرة نصف الفارغة أمامي.
لكن منذ متى؟
في وقت ما هذه الليلة، خمدت المدفأة.
في وقت ما هذه الليلة، توقفت عقارب الساعة عن التكتكة.
في وقت ما هذه الليلة، تواعدت مع نفسي، لكنني لم آتِ.
“الجزءُ والكل”
اليوم تعلَّمتُ قليلاً.
في المساءِ، حينَ أحضرَ الشابُ الأحصنةَ من الحقلِ
-حصانٌ أبيض، آخر بني وخلفهما تجري مهرةٌ سوداء-
حاولتُ أن أحفظَ في ذاكرتي
طقطقةَ حوافرِها على الإسفلتِ
طقطقة الحوافر وصخبَ الأشياء الأخرى
الصخبَ وروائحِ الأشياء
الصخب والروائح مع الهيئاتِ والألوان.
قطّ
لا أريدُ أن أقولَ يوماً
إنني لم أنتبه للعالم بما فيه الكفاية.
“توقُّف الساعة”
في الأوقاتِ الطيّبةِ
أستطيعُ معرفةَ ما هو حقيقي
– ولا أحتاجُ أي أدلّةٍ.
في الأوقات الطيّبةِ
أستطيعُ أن أحبَّ
– دون أن يصبحَ حلمي أضحوكةً.
في الأوقاتِ الطيّبةِ
تتكلّم الطيورُ،
وجذور الشجرةِ الشائخةِ
تُغنّي.
“اليوم وفي ليالٍ كثيرةٍ”
مع كلّ ميّتٍ نفتقدُ جزءاً
من حياتِنا الشخصيّة.
إذاً، من عسانا نُرثي
حينَ يُصمِتُ الموتُ الأصدقاءَ؟
ستون حذاءٍ أسود على طريقٍ خلّاب مرصوفٍ بالحصى،
خلف مركبةٍ لامعةٍ تسيرُ بسرعةِ الخطى.
غبارُ الصّيفِ
على شجرةِ الحياة.
ها أنا ذا عندك،
أتذكَّرُ غيابي
الذي يمكن التنبؤ به/المتوقّع.
الأشياء البسيطة:
أن تُحرّكَ المقبضَ نحو الأسفل
وتفحصَ، في الصباحِ، تقلُّبات السماء الغائمةِ –
لكن، لم يعد بمقدوركَ فعلها،
وأنا خائفٌ.
اليوم، كما في ليال كثيرة،
تقفُ النجومُ ناقصةَ العدد فوقَ البلاد.
التعليقات مغلقة.