محمد علاء الدين يكتب: حياة برزخية

ربما
لم يعد بإستطاعتنا الرحيل
على ظهر الريح
إلى حيث نريد
ربما
لم يعد بإستطاعتنا العودة
إلى ذواتنا الملهمة
إلينا
فقد كان خروجنا عن الذات محض مصادفة ومغامرة غير محسوبة
ولم يكن خروجا لذواتنا من جسد الجدران
نحن أبناء تاريخ الخرافة
وخرافة التاريخ
ربما كانت هذه الحياة البرزخية أفضل لنا
من العودة
إلى حيث لم نكن
أو الذهاب إلى المستقبل بقدمين من السراب
لنرسم فيه بريشة ضبابية
تاريخ آخر للحروب
والقهر
والقتل
تاريخ آخر للجوع
والدمار
فلنحيا في هذه الحياة البرزخية
بعيدا عن صوت الحبيبة
بعيدا عن الحب
فلسنا ملزمين آن نصنع حرب طروادة جديدة
في أرض بلا طروادة
أو هيلين
لسنا ملزمين أن نصنع سلما موسيقيا ليصعد عليه الحلم
في أرض بلا صوت
آو حنين
لسنا ملزمين أن نتبع أثر أقدام الذاكرة
في مستقبل بلاوعي
أو فكرة
لسنا ملزمين أن ننتظر مطر الروح على أجسادنا المهملة
لينبت فينا الإنسان
والفجر
لا
لسنا ملزمين
أن نسلك هذا الدرب
فلتفتحوا أذن أبواب الحرية
حرية الأبواب
ولتصنعوا للأطفال دما من حطام الحرب
ولتنشدوا لهم أناشيد الشمس
التي لم تشرق منذ قرون
ولم يروها
من قبل
فلتفتحوا أذن أبواب الحرية
حرية الأبواب
ولتتركوا حشو المناهج
والعقول
علموهم فقط
قصائد درويش
ودنقل
والماغوط
لكي يعلموا أن للوطن سور كبير
وباب
الا انهم حمائم سلام بيضاء
يستطيعون الدخول متى شاءوا
وحيث شاءوا
دون خوف
آو استئذان
علموهم
أن كلمة لجوء غير دقيقة
فبعد النزوح عن الوطن
نزوح إلى الذات
وبعد النزوحين
وطن
علموهم
وعلموهم
ولتتركوا الحرب تفعل فعلها الإنساني
في عالمنا اللاإنساني المشين
فلا مجال للثورة عليها
أو إستعطاف السلام
أتركوا التاريخ ينشد آنشودة الخوف الأزلية
واضعا مقاصل الحلم
على أعتاب الذاكرة
فاردا أجنحته الكبيرة
في سماء مستقبل مريب
أتركوا التاريخ
والحلم
والمقصلة
يفعلوا فعلهم اللاواعي
في الوعي
وأنشدوا أنشودة الحرب الأخيرة
حرب السلام والخوف
نعم
آنشدوا أنشودة الحرب الأخيرة
حرب إبادتنا الجماعية
خارج أسوار الذات
أنشدوا أنشودة الحرب الأخيرة
حرب إبادتنا الهمجية
حرب إبادتنا العالمية
حرب الخلاص.

التعليقات مغلقة.