قف، وانظُرْ – سوار ملا

سوار ملّا 

أنت “فنان الجوعِ”
ما تبحثُ عنه غائبٌ
ولا تشذّ حياتك عن “البحث عن زمن مفقود”
قف، وانظُرْ إلى العالم المستريح أمامك
خارج خرافات “أندرسن”.
هاتِ يدكَ، انهض يا رجل
واركبْ الحصانَ البريءَ
تحت الشّمسِ الدافئة
مثلما يفعلُ الشبانُ
في براري البلاد.
لستَ غريباً
أنتَ حيٌ كسواكَ
وحسبُ تبرزُ هفواتك كالجوز البرازيليّ
وتستقرّ الوصمة على جبينكَ اللامعِ
بين الدخانِ ورائحة الكحول.

*
إنَّه سواك

تغبطُ رجلاً ينهارُ
يسيلُ لعابكَ
أمامَ ما يتجرّعه من سُم
تحفرُ كلماتِه على جذعِ شجرة مقتلعةٍ
وتهجّئها ببطءٍ كأنَّها قصيدتك الأجمل
تحلمُ بسيرتِه المأساة
تسيرُ في نومِك على قدميه
تلمحُ في النافذةِ انعكاسَ صورتِه
تفتُحُ الكتابَ ليقرأَ ما يحبّ
وتحملُ القلمَ ليكتبَ الآن
لكنّك
لن تصيرَه قطّ،
إنّه سواك.

*
ايديث بياف

كنّا نحضرُ فيلماً عن حياة “ايديث بياف”، ممددين أسفل النافذة نلمح قطرات مطر تتجمّد حالما تصل زجاج النافذةِ المائلة في السقفِ المائل، فنترك أعيننا سارحةً في سماء قريبة مثل النهايات.
ينمو جسد “بياف” في دار للدعارة تُديرها جدتها، تتعوّد يدها على ملامسةِ يدِ “عاملةِ جنس” وتصير لا تحتمل العيش بعيداً عن جسدها العاري دوماً.
تُغنِّي “ايديث” في شوارعِ باريس، يلفت صوتها آذان المارّة، وتلفتُ نظرنا طبقة جليدٍ تمنعنا من التحديق في غيوم كثيفة كانت تبدو مثل أرض بعيدة لم نعد نتذكّرها. تجمّدت المياه. تجمّد جسدُ صاحب بار فرنسي حينما سمع “ايديث” فأخذها لتعملَ لديه، لتُبهر زوّار المكان الليليّ الصاخب.
تشتهر ايديث، فيحتلّها المرضُ. تهتزّ ايديث، ترتجفُ مثل ذكرى بعيدة، وتسقط على أرضية المسرحِ في حفل متأخّر، فيحملها الأصدقاء لتُكملَ بقيّة حياتها عليلة على سرير مرضٍ.
نفتحُ النافذةَ، تدخلُ البرودةُ إلى الغرفةِ الصّغيرة وتجلسُ بيننا كأنَّنا أخوتها. نقفلُ النافذةَ، تموتُ ايديث، وتظلّ البرودةُ.
*

ساعتان

ساعتان من كلامٍ غير حقيقي، ساعتان من الأوهام والتخيّلات،
ساعتان كاملتان يا صديقي
لم تكذبْ فيهما قطّ
إنما كنتَ تحاول أن تقدِّمَ بديلاً للحقيقةِ.

التعليقات مغلقة.