سماح البوسيفي / تونس
*(1)
هناك:
في عمرك الذي يبلغ نصف وزنكِ تقريباً تبدو مساحة عقلكِ هي التالية:
30سنة تركضِين من بيتك لحلمكِ وهو ما قد كلفكِ قطعةً كاملة من الليل. سنواتكِ هي:
أنتِ إذا ما صحَّ القول هكذا،
تترجَّلين من حلمك نحو أقرب نص،
هو ذات النص تقريباً وتبلغ مساحته 30شمعة،
يقع النور فيه وراء السطور ولأتهكَّم هنا،
امرأة تقع في وطن مقاسهما معاً تونس بأكمام واسعة!!!
وطن يقع في وطن، سنتيمتر أخير يظلّ في الوراء،
ذاك ما أسمّيه ما يقع خارج الوطن،
أيُّهما أوسع حجماً يا تونس،
شوارعك أم صدري؟
حقاً تظلُّ اللغة كبيرة حتى ندخلها فتكتظ بالأمنيات،
هو ذات المعنى،
بيوتنا التي في العراء تحمل أوزاننا الكبيرة،
نترك منها هنا نصاً ثقيلاً.. بالتالي:
في عمري هذا حيث يبلغ وعيي فلماً سينمائياً يصوّر لي حتفي بعد الثلاثين،
أشاهد:
في منطقة من حياتي سنوات تركض نحو الأمام سابقة سنها،نفترق في مكان بارد،
نعم هو ذاك يعود مني للوراء طفلٌ سعيد.
وفي الأخير يتوقف عمري كاملاً، يلفظ تعبه ويعود إليَّ، وأعود إليه!
أنا وهو،
ثلاثتنا! الآن:
نبلغ من العمر طفلة و شيخاً يتصافحان.
تقريباً 10سنوات هي ما سيتبقى لي بعد حذف هذا النص!
(2) **
وليكن، في هذا المكان!!
في منتصف العمر تقريباً،
في آخر تهيؤات الخيال،
تخيّلت ليلة حمراء،
ألبستها قميصاً أسود،
طفت بها على دور النشر،
دون أصباغ!
دون تصدير شائع!
دون أصوات أو أجراس،
يقول في نصِّه بائع الورق:
في العتبة الأولى،
شيئان ينغصان علي شِعركِ، نص واثق من حتفه يلوي عنق قارئه يقاتله.فيقتتلان .
وشاعرٌ أناديه من داخل النص وألتقيه أمام العيان،
أورطه فيورطني
هو الآن هنا!
وهو الآن هناك …
وليكن!!!!!
في المدخل الآن :
اسم مائل صوب موته وهو مخطوط شعري في مقتبل عمره،
ولد في ظروف غامضة من أب شرعي وظروف قاسية،
تبنته جهات خيرية،
منشور في حدائق إلكترونية في البلاد وخارج البلاد،
هنا سأصيح في وجه الوطن:غربة القصائد كلها قاسية!!!
ولأقلْ مخطوط شعري يبلغ وزنه،
كبسة زر هو الآتي:
ألمٌ في مناطق الخيال،
كأن تقع الصورة بأصابعي مشيرة لظني فتشتبك أمامي ظنون الآخرين:
قارئ ضغط على زناد فكرتي فأصيب في تفكيره فلوث شاشة النص،
هنا لن أدفع تكاليف الجريمة دما على مكابس الأزرار،
و لأقل في صمتي:
كيف للغة أن تكون _مثلنا _قاسية !!!!!!
فتضغط على جرح وطن حزين و تحشره في زاوية.
بمكان ضيق آخر في رسم شعري بياني ،
وهذا يحدث دائماً:
يقع الشعب _هو الآخر_ في طية من طيات المجاز ،
وللقارئ أن يتفطن إليه جالساً في مقهى أو في حديقة أو بين القضبان…
هنا يطالبني الشعر بالصدق،
دون أن يحتسب المسافة المتعَبةَ بين الصورة والخيال،
وهي تقريباً ما وقع في ذهن شاعرة،
استندتُ للخريطة جاثية على ركبتيها في الكرة الأرضية،
استرقت النظر إلى كتاب التاريخ، في فصله الأخير حيث صور رسام هاوٍ آثار صفعةٍ،
على وجه (محمد البوعزيزي) لونها بأصباغ كثيرةٍ،
وأضاء الفترة الفاصلة بين حتفِه وكتابة التاريخِ،
فاندلع ربيع عربي بأسره من كفي امرأةٍ.
ولنتحدث عن النساء:
خمس سيداتٍ عظيمات في نص إسلامي يبلغ صداه العالم بطرق ملتويةٍ، يقع احتساب الفارق بين ثوب امرأة وحيضها،
ليغرق القماش في الدم.
وهذا كاف لأقول نحن مسلمون!!!!!
في أول مرتبة من مراتب اللون الحارق تجلس تونس(وهي سيدة عذراء)، تنعي في قصيدة طويلة باقي النساء،
لوصف المشهد غيرت ثيابي وسكبت الحبر على أوصالي احتذاء،
عقدت على جبين النص عصابة سوداء بها شغب أبيض،
في وصف دقيق أقول:
أصيب قارئ مبتدئ في قلبه عند ليبيا (وهي مكان عال في القصيد) شوهد وهو يحاول أن يعبر مشهد مكتنزاً بالدم ..
نجا من المشهد صدقاً مشاة كثيرون،
لكن سقط طفل ضرير في سوريا (وهي حفرة في قلب النص) فتحول لأسير .
و في فصل شعري محفوف بالرصاص، رجعت أيزيدية لعشيرتها في تابوت،
وهذا من أثار القراءة بإخلاص عن العراق (وهو جرح غائر في شعرية النص)،
هنا سأقول خلسة العراق أب و أم دون أن أصفع وجه التاريخ!
وليكن الوصف وفياً فيلتفت لحفر هذا النص حيث تورمت سواعد شيخ عجوز،
وهو ينبش في أرض القصيدة عن بقعة بيضاء للصلاة،
فمات في تفجير كنيسة بمصر (مقبرة القصيد) وهو يمر هناك بالخطأ!
في المخطوط إذن أثار موت كبير ولأقل هنا:
الأوطان كلها ناقصات دين!!
دون أن أشير لأخطاء النص ومكائد التأويل …
***(3)
أما بعد للتأكد من سلامة القارئ، سأتعثر في قولي ثم أقوم…سأقول :
لأن الشعر رجل حقيقي،
أحب لفظ أسمه ساحبا من أقدامه اسمي،
و لأني امرأة !!!
سيعجبني التعارض الكبير بين شاربيه وعينيه، فاركض يومياً من معدته لقلبه،
أسوي أطباقي على بخار مزاجه،
أريدها قصائد حقيقية!!
صغيرة تتهادى في الأطباق .
فأضيف للنثر بهارات استثنائية صوتي صوب صوته لا وجه للغرابة هنا:
ملح في كامل النص!
لهذا أحب الشعر لأنه في الحقيقة رجل غير سعيد!!
هناك قد أصبح طباخة ماهرة لأصل لقلبه عبر جوعه الكبير،
وأثير الدهشة على لسانه، فيعجبه ولائي،
و ربما يعجبه مطبخي الصغير،
وأواني كؤوسي و ملاءاتي،
كل شيء فوق نار هادئة فكرتي و خياله البعيد…
****(4)
بعد الكتابة ، وأنت تصل لعمرك هذا أيها الشعر،
وأنا قبلك هنا،
أصل بعد القارئ بقليل!
ونحن ندخل سوياً سنواتي الثلاثين،
نصطدم بالأربعين والخمسين! وليكن،
70 سنة تشبه قفزة من قلب أحدهم للسرير!
وهذا عمر مناسب لشاعرة مثلي.
هكذا، واقفة في سنواتي كلها الآن، يبلغ طول أصابعي اليمنى،
ثلاث سنوات ضوئية يضئن في الليل و النهار،
يقع فيها الشعر، في خمسة مواضع كبرى:
لساني وطوله قنينة حبر،
قلبي ومساحته نص لم يكتب بعد،
رأسي ويقع في مؤخرة هذا النص،
موضعان أخيران اختبآ في عن الأنظار.
وفاصلة بيننا،
أنا ويبلغ طولي وزني تحديدا وهذا مثالي،
وأنت أيها الشعر صعب المنال!
ليقرأني العالم إذاً خطوة خطوة .
وليعد إن شاء للوراء!
هكذا يسير رافعا فكرته الموجِعة، عن عنقي الصغير!
هكذا تعلمت من آخر السطر،
حكمة تقول:
عد للوراء لأول السطر!
كلما وقعت في حب التعبير!!!
اجل هكذا أكتب:
امرأة ،لا حب لي
لا رجل لي
سوى الشعر
وهو رجل عظيم
في اليوم التالي رجاء لا تُعد قراءة هذا النص.
التعليقات مغلقة.