جفف دموع البحر عن بيروت – محمود سلامة

جفف دموع البحر عن بيروت
واربت على كتف البيوت
الآن لا نالت خلاصًا بعد أعوام الخراب
ولا استعادت روحها لتموت
بيروت يا نجم السواحل
يا مبيت النار في الملكوت
بيروت يا بيروت
غامت على وجه الزمان عمامةُ الأحداث
وانفرطت من الرمان شهوةُ برتقالٍ
لم تدع للراحلين مساحة التابوت
ما بعثرتهم لحظةٌ
بل بعثرتهم ورقة التاروت.

عند المرافئ
والنوارس في شهيقِ الصبح أبيضَ من منام الريف
والأيام أحلامًا
وشعرُ العاشقاتِ على مخداتِ المساء
يقوم ملاحٌ يهشُ النومَ عن عينيهِ
ثم يموت..
أوهكذا طُعنت ودامت ربةً
أوهكذا كُلِمَتْ؟
ومن سيوسِّدُ الناسوت
البحرُ مسودٌّ
وشباكُ الوداعِ بلا مناديل
احترقنا مثلها
والمزهرية شجها التاريخ
يدمينا
وننسى
دام يوجعنا الذي سيفوتْ
أربحتِنا يا ذي الهزائمُ
يا خسائرنا
هوانًا لا رهانًا
إننا نقتاتُ بالرهبوت
جائت لنا من حظنا فرصٌ لنبكي
ما تركناها
سنبكي كي يفيض البحر
نبكي لا لشيءٍ غير عشقِ الدمعِ
ودوننا بيروت
تحمل من مصائرنا نهاياتٍ تركناها
فكانت ثيبًا وبتولًا
ضحكها وبكاؤها شفةٌ
ها تنتشي كالموت تحملُ طلقتيها
مرةً للثار تضربُ
مرةً للعار توسِمُ غترةَ الأصهار
جاءوا
لارتشاف حليبها جاءوا
وجاءوا لاعتناق صليبها جاءوا
وشاءوا أن يمسوا نهدها التاريخ
فواحدٌ هاروت وآخرٌ ماروت
وعيوننا في مصر تغرق في الرثاء
وأنشدت
جفف دموع البحر عن بيروت.

التعليقات مغلقة.