..
أحياناً أحتار:
هل أنا أحتاج أحداً يشفق عليَّ
أم أحتاج أحداً أشفقُ أنا عليه؟
وهكذا يتبادل الناس المشاعر
تماماً مثلما يتبادل عازفوا آلات النفخ العزف والصمت
فينفخ بعضهم خديه ويتوقف الآخرون
ثم يتبادل الجميع ملء الخدين وتفريغهما .
.
صديقي الأنتيم الذي مات منذ عشرين سنة
كيف يكون هيكله العظمي الآن؟
وهل هو يتبادل
مع السابقين واللاحقين اختراق التربة الخصبة،
أنا حزين ، ولازلت أبحث عن شيء
له طعم الوهلة الأولى
وكثيراً ما تخدعني المعاني،
ولكنني أكتشف أنها مكررة إلى حد الفجاجة .
.
شعور الإشفاق من أغرب الطبائع الإنسانية
يدفعنا لنساعد بعضنا في أحلك الظروف
يدفعنا لنفهم منطق البساطة
وهذه هي الفتاة التي كلما قابلتها
تبعد عينيها عن عينيّ بإصرار شديد
إنها لاتملك ذرة من شعور الإشفاق
ولاتقدّر بحثي اللحوح عنها
ولا تريد أن أتألق معها ولو للحظة واحدة.
إقرأوا خط العمر في كفي
وقولوا لي كيف أجذب هذه الفتاة العنيدة
مسحوبة العينين
إقرأوا خط العمر، وأخبروني كيف أدهشها؟
وأكسب لذتها، وأفككها على كهرباء ليلي وظلامي
هل الإشفاق يمكنه أن يحولنا فجأة
لنصبح كرماء، ورقيقين للغاية؟
.
كل الناجين من الغرق غرقى
كما تقول “فيوليت أبو الجَلَد”
كلنا غرقى وملامحنا واهية،
.
عندما دخلت كابينة الاتصال وأمسكت بالسماعة
أحسست بالشيخوخة تهزمني
أحسست بالكبَرِ المبكِّر يغزو جسدي
وبخاصة أن الصبيان والبنات
بدأوا يقولون لي: يا “عمو”
بينما أمتلئ أنا بالرغبة في اللعب معهم
وبالقفز فوق مستطيلات الحنجيلة.
.
تظل طوال اليوم تفتح أبواباً وتغلقها
وتفتح أدراجاً وتغلقها، باحثاً عن كارت الشحن
بعد أن قررت أن تخاطب هذه الفتاة العنيدة
ولكنك متيقن في هذه المرة
أن محاولاتك يمكن أن تكون مجدية.
التعليقات مغلقة.