حسن المقداد
مدّي ليَ الليل..
جسمي نصف منطفئ..
وليس في الوعي إلّا جسمكِ الذّهبُ..
كعاشقينِ على أرضٍ تمور بنا
تشبّثي..
فالخيالُ المحض مضطربُ..
أريدُ أن نمنح الزلزال فرصتهُ
ليهدمَ الدّورَ والأسوار
إذ يثبُ..
ملّت من الشّكلِ أفكاري
أحاولُ أن أغيّرَ الشّعر
أن أرتاحَ من قلقي
وأن أقولَ كلاماً كلّهُ عذِبُ..
بلا حروفٍ..
بلا معنىً..
بلا لغةٍ..
بلا انتسابٍ إلى شيءٍ
بلا وجلٍ..
بلا انتهاءٍ إلى أن ينتهي التّعبُ..
وأن يكونَ جميلاً..
باتَ ينقصنا هذا الجمال الذي لا شيء ينقصهُ
كواكبٌ لم تعد في الليل تؤنسنا
وعالمٌ لم يعد يكفي لضحكتنا
وكلُّ من كانَ يُرجى ضوءهم
ذهبوا..
*
مدّي ليَ الشّاي بالنّعناع..
باردةٌ روحي وخافتةٌ..
كفكرةٍ لم تجد نصّاً ليحملها
كشمعةٍ كادَ يمحو وجهها اللهبُ..
ما عاد يدهشني صوتي..
ولا فرحي..
ولا جنوني..
ولا هذا المدى الرّحبُ..
كأنّني واحدٌ من “هم”..
أضعتُ أنا..
في لجّةِ الناس لمّا لفّني الصّخبُ..
أضعتُ حزني..
وألحاني وذاكرتي..
ورغبتي
وانفجاري كلّما نضبوا..
لم يبقَ لي..
غيرُ خصرٍ كنتُ أرسمهُ
من قبلِ أن نلتقي..
والآن يقتربُ..
مدّي ليَ الرقصةَ الحمراء..
متّشحٌ باللاملوّنِ قلبي
حيثُ لا يجبُ..
قومي ارقصي..
وارقصي..
حتّى تطيرَ من الفستانِ زقزقةٌ..
كي يحسنَ الطّربُ..
رأيتُ أنّا بلا ظلّين..
يغمرنا طيفُ الغوايةِ برّاقاً
فننجذبُ..
ممدّين على لحنٍ بلا أمدٍ
يظلُّ يعلو إلى أن تسقطَ الحجبُ..
وحينَ يبلغُ أعلى ما أعدَّ له
نفرُّ من فجوةٍ في الكون..
تنقلنا للعالمِ الحلم..
نحنُ الخالقون هنا..
نشكّلُ الأفقَ ذي شمسٌ وذي سحبُ..
وذي طيورٌ..
وذا نجمٌ..
وذا قمرٌ بلونِ عينيك..
بحرٌ أخضرٌ..
شجرٌ ينمو على البحر..
صيّادون مهنتهم صيدُ العبارةِ حينَ الوحي يحتجبُ..
وذي حديقةُ أحلامي..
يسوّرها الحورُ النبيذيُّ
فيها زنبقٌ.. كرزٌ.. وأقحوانٌ..
وأشجارٌ وضعتُ لها أسماءها من خيالي
كلّها عنبُ..
وذاك منزلنا..
لا بيتَ يشبههُ
بيتٌ صغيرٌ لطيفٌ
سقفهُ كتبُ..
وذا سريرٌ..
سريرٌ ضيّقٌ لهوىً..
لا وصف
أطيبُ من أن يكفيَ الأدبُ!
التعليقات مغلقة.