إرث المتنبي – سارة الزّين

سارة الزين

هوَ ذاكَ.. أراهُ وأعرِفهُ!!
ذاكَ المنحوتُ بخصلةِ أوجاعي..
سأقدِّسُهُ..!!
ذاكَ المنسيُّ على حبري بين الأوراقِ..
تكدّسَ صمتاً فوقَ دمي..
كم عاقرَ ريحاً من بغدادَ
تصبُّ الجمرَ على لغتي..
وحروفُ الخوفِ مبعثرةٌ..
من أوّلِ “دجلةَ” حتى آخرِ مقهىً..
خلْفَ زوايا الموتْ!

ونباحُ الليلِ سقيمُ الوَقْعِ.. ويرعبني..!
من شرفةِ “طوروس” المنفى.. أُنفى!!
وأسيرُ صعوداً نحو اللهِ..
أمدُّ غصونيَ كي ترقى صوبَ الملكوتْ!
وأظلُّ أمدُّ..
أمدُّ..
أمدُّ..
وصوتي يخنقهُ التابوتْ!!

************
ندمي الممسوسُ بلعنةِ نردي مُلْتَبِسٌ..
وأنا ما بينَ النهرينِ المذهولُ أمزّقُ كلّ حضاراتي..
وأصفِّفُ وجهَ الريحِ..
أحرِّرُ مجرى الماءِ من التقديسِ
ومن “آشورَ”
لأنقَشَ فوق “تماثيلِ الثيرانِ” جناحاً من حلمٍ منحوتْ!!

وأعيرُ لِدَجْلَةَ جُمْجُمتي..
هذي لغتي..!
صُبّي التاريخَ على وجعي..
صُبّي عينيكِ
لأُسقى كأساً
من عينيكِ
لأشربَ تاريخي الممقوتْ!!

ويَظلُّ يؤجِّلُ فيَّ الوعيُ..
أظلُّ أقاومُ سَهْمَ الضوءِ..
أظلُّ فراتيَّ النزعاتِ..
يُدَثِّرُني صوتٌ أعلى..
.
ويظلُّ حنينيَ للناسوتْ!!

************
وأعودُ الى رحمي الثاني..
والصوتُ المتعبُ يتبعني..
أنسى ألمي..
وأحاولُ تخليصَ الأوجاعِ بصرخةِ مبحوحٍ مكبوتْ ..!
وأشدُّ الحبلَ..أنازِعُ أمسي..
يرْهقني إرثُ “المتنبّي”
من بغدادَ الى بيروتْ!

ووصَلْتُ ومنسأتي تُبدي موتي..
والعرشُ أمامي..
جئتُكَ خوفاً من لغتي..
هرباً من نعتٍ يسبقني نحوَ المنعوتْ!
قدّمتُ لوجهكَ قرباني..
هذا التاريخَ.. وأحزاني..
أدّيتُ صلاةَ الدمعِ كآخِرِ نزفٍ من شفتي
وتركت يدي..
تنقَضُّ على أحلام الوهم الراكِضِ خلْفَ غدي..
حتّى آتيكَ وألقى وجهَكَ ثمَّ أموتْ!

التعليقات مغلقة.